فصل: فصل في تخريج الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة المعارج: آية 41]:

{على أنْ نُبدِّل خيْرا مِنْهُمْ وما نحْنُ بِمسْبُوقِين (41)}.
{على أنْ نُبدِّل} حرف جر ومضارع منصوب بأن فاعله مستتر والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلقان بقادرون {خيْرا} مفعول به {مِنْهُمْ} متعلقان بـ: {خيرا} {وما} الواو حالية {ما} نافية حجازية {نحْنُ} اسمها {بِمسْبُوقِين} مجرور لفظا بالباء الزائدة منصوب محلا خبر ما والجملة الاسمية حال.

.[سورة المعارج: آية 42]:

{فذرْهُمْ يخُوضُوا ويلْعبُوا حتّى يُلاقُوا يوْمهُمُ الّذِي يُوعدُون (42)}.
{فذرْهُمْ} الفاء الفصيحة وأمر فاعله مستتر والهاء مفعول به والجملة جواب شرط مقدر لا محل لها {يخُوضُوا} مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب والواو فاعله {ويلْعبُوا} معطوف على {يخوضوا} {حتّى يُلاقُوا} {حتى} حرف غاية وجر ومضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى والواو فاعله {يوْمهُمُ} مفعول به {الّذِي} صفة والمصدر المؤول من أن المضمرة والفعل في محل جر بـ: {حتى} والجار والمجرور متعلقان بـ: {يلعبوا} {يُوعدُون} مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة صلة.

.[سورة المعارج: آية 43]:

{يوْم يخْرُجُون مِن الْأجْداثِ سِراعا كأنّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُون (43)}.
{يوْم يخْرُجُون} بدل من {يومهم} ومضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله والجملة في محل جر بالإضافة {مِن الْأجْداثِ} متعلقان بالفعل {سِراعا} حال {كأنّهُمْ} كأن واسمها {إِلى نُصُبٍ} متعلقان بما بعدهما {يُوفِضُون} مضارع مرفوع والواو فاعله و{يوفضون}: يسرعون والجملة الفعلية خبر كأن والجملة الاسمية حال ثانية.

.[سورة المعارج: آية 44]:

{خاشِعة أبْصارُهُمْ ترْهقُهُمْ ذِلّةٌ ذلِك الْيوْمُ الّذِي كانُوا يُوعدُون (44)}.
{خاشِعة} حال {أبْصارُهُمْ} فاعل {خاشعة} {ترْهقُهُمْ} مضارع ومفعوله {ذِلّةٌ} فاعل مؤخر والجملة الفعلية حال ثانية {ذلِك} اسم الإشارة مبتدأ {الْيوْمُ} خبره والجملة مستأنفة لا محل لها {الّذِي} صفة {اليوم} {كانُوا} كان واسمها {يُوعدُون} مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة خبر {كانوا} وجملة {كانوا..} صلة موصول. اهـ.

.فصل في تخريج الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

قال الزيلعي:
سورة المعارج ذكر فِيها أرْبعة أحادِيث:
1400- الحديث الأول:
عن النّبِي صلى الله عليه وسلم انه قال «شرّ ما أعطي ابْن أدم شح هالِع وجبن خالع».
قلت رواهُ أبُو داوُد فِي سننه فِي كتاب الْجِهاد من حديث عبد الْعزِيز بن مرْوان بن الحكم قال سمِعت أبا هُريْرة يقول قال رسُول اله صلى الله عليه وسلم «شرّ ما فِي الرجل شح هالِع وجبن خالع» انتهى.
قال ابْن طاهِر إِسْناده مُتّصِل وهُو من شرط أبي داوُد وقد احْتج مُسلم بمُوسى بن علّي عن أبِيه عن جماعة من الصّحابة انتهى.
وكذلِك رواهُ ابْن حبان فِي صحِيحه فِي النّوْع السّادِس والسبْعين من الْقسم الثّانِي.
ورواهُ احْمد وعبد بن حميد وإِسْحاق بن راهويْه والْبزّار فِي مسانيدهم وابْن أبي شيبة فِي مُصنفه فِي الْأدب والْبيْهقِيّ فِي شعب الْإِيمان فِي الْباب الثّالِث والسبْعين وأبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي ترْجمة عبد الرّحْمن بن مهْدي.
والْهالِع ذُو الْهلع وهُو الْجزع والخالع الّذِي يخلع الْفُؤاد لِشِدّتِهِ واخْتلف فِي الشُّح والْبخل فقيل هما مُترادِفانِ وهُو شدّة الْحِرْص وقيل الشُّح الْحِرْص على ما ليْس لك والْبخل بِما عنْدك وهذا رواهُ الطّبرِيّ عن طاوس.
1401- الحديث الثّانِي:
وعنهُ صلى الله عليه وسلم أنه قال «أفضل الْعمل أدْومه وإِن قل».
قلت رواهُ مُسلم فِي صحِيحه فِي الصّلاة من حديث سعد بن إِبْراهِيم أنه سمع أبا سلمة يحدث عن عائِشة رضِي اللّهُ عنْها «أن رسُول الله صلى الله عليه وسلم سُئِل أي عمل أحب إِلى الله قال أدْومه وإِن قل» انتهى.
1402- الحديث الثّالِث:
عن عائِشة رضِي اللّهُ عنْها قالت «كان عمله عليه السلام دِيمة».
قلت رواهُ البُخارِيّ فِي الصّوْم ومُسلم فِي الصّلاة من حديث علْقمة قال «سألت أم الْمُؤمنِين عائِشة رضِي اللّهُ عنْها فقالت يا أم الْمُؤمنِين كيف كان عمل رسُول الله صلى الله عليه وسلم هل كان يخص شيْئا من الْأيّام قالت لا كان عمله دِيمة وأيكُمْ يُطيق ما كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُطيق» انتهى.
1403- الحديث الرّابِع:
عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سُورة سأل سائل أعطاهُ الله ثواب الّذين هم لِأماناتِهِمْ وعهْدهمْ راعُون».
قلت رواهُ الثّعْلبِيّ اخبرني مُحمّد بن الْقاسِم ثنا اسماعِيل بن نجيد ثنا مُحمّد ابْن إِبْراهِيم بن سعيد ثنا سعيد بن حفْص قال قرأت على معقل بن عبيد الله عن عِكْرِمة بن خالِد عن سعيد بن جُبير عن ابْن عبّاس عن أبي بن كعْب قال قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سُورة سأل سائل أعطاهُ الله ثواب الّذين هم لِأماناتِهِمْ وعهْدهمْ راعُون والّذين هم على صلاتهم يُحافِظُون» انتهى.
ورواهُ ابْن مرْدويْه فِي تفْسِيره بسنديه فِي آل عمران ولفظ الثّعْلبِيّ.
وكذلِك رواهُ الواحدي فِي الْوسِيط بِسندِهِ فِي يُونُس ومتْن الثّعْلبِيّ. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة سأل سائل (70):
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ
{ولا يسْئلُ حمِيمٌ حمِيما (10)} قريب قريبا..
{مِنْ عذابِ يوْمِئِذٍ (11)} فمن جرّ الميم أضاف العذاب إلى اليوم إلى إذ ومن فتح الميم جعل الميم حرفا من وسطه كلمة لا يستعنى بالإضافة إلى إذ فيجرّها وينوّن فيها..
{وفصِيلتِهِ الّتِي تُؤْوِيهِ (13)} دون القبيلة، الشعوب أكثر من القبائل ثم الفصيلة، فخذه التي تؤويه..
{كلّا إِنّها لظى نزّاعة لِلشّوى تدْعُوا منْ أدْبر وتولّى (15- 17)} واحدتها شواة وهى اليدان والرجلان والرأس من الآدميين قال الأعشى:
قالت قتيلة ماله قد ** جلّلت شيبا شواته

أنشدها أبو الخطّاب الأخفش أبا عمرو بن العلاء فقال له: صحّفت إنما هي سراته قال أبو عبيدة: وسمعت رجلا من أهل المدينة يقول اقشعرّت شواتى، وشوى الفرس قوائمه، يقال عبل الشّوى ولا يكون هذا للرأس لأنهم وصفوا الخيل بأسالة الخدّين وعتق الوجه ورقّته..
{إِنّ الْإِنْسان خُلِق هلُوعا (19)} قد فسّرها اللّه: لا يصبر.
{إِذا مسّهُ الشّرُّ جزُوعا وإِذا مسّهُ الْخيْرُ منُوعا (21)} والهلاع مصدره وهو أسوأ الجزع..
{مُهْطِعِين (36)} مسرعين..
{عِزِين (37)} جماع عزة مثل ثبة وثبين وهى جماعات في تفرقة قال الراعىّ:
أمسى سوامهم عزين فلولا

[914].
{فذرْهُمْ يخُوضُوا ويلْعبُوا (42)} مجازه: الوعيد..
{كأنّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُون (43)} النصب الواحد، يوفضون يسرعون قال رؤبة:
يمشى بنا الجدّ على أوفاض

[915] أي عجلة والنصب العلم والصنم الذي نصبوه ومن قال: {نصب} فهى جماعة، مثل رهن ورهن. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها {سأل سائل}:

.[سورة المعارج: الآيات 15- 17]:

{كلاّ إِنّها لظى (15) نزّاعة لِلشّوى (16) تدْعُوا منْ أدْبر وتولّى (17)}.
قوله تعالى: {كلّا إِنّها لظى نزّاعة لِلشّوى تدْعُوا منْ أدْبر وتولّى}[17] وهذه استعارة. والمراد بدعائها من أدبر وتولّى- واللّه أعلم- أنه لما استحقها بإدباره عن الحق صارت كأنها تدعوه إليها، وتسوقه نحوها. وعلى ذلك قول ذى الرّمة في صفة الثور:
غدا بوهنين مجتازا لمرتعه ** بذي الفوارس تدعو أنفه الرّبب

والرّبب جمع ربّة، وهى نبت من نبات الصيف.
يقول لما وجد رائحة الربب مضى نحوها فكأنها دعته إلى أكلها. وقد يجوز أيضا أن يكون المراد بذلك أنها لا يفوتها ذاهب، ولا يعجزها هارب. فكأنها تدعو الهارب منها فيجيبها، مدّا له بأسبابها، وردّا له إلى عذابها.
وقال بعض المفسرين: إنه تخرج عنق من النار، فتتناول الكافر حتى تقحمه فيها، فكأنها بذلك الفعل داعية له إلى دخولها.
وقد يجوز أن يكون المراد أنها تدعو من أدبر عن الحق. بمعنى أنها تخوّفه بفظاعة الخبر عنها، وتغليظ الوعيد بها، فكأنها تستعطفه إلى الرشد، وتستصرفه عن الغى.
وحكى عن المبرّد أنه قال: تدعو من أدبر وتولّى. أي تعذّبه. وحكى عن الخليل أن أعرابيا قال لآخر: دعاك اللّه. أي عذبك اللّه. وقال ثعلب: معنى دعاك اللّه. أي أماتك اللّه. فعلى هذا القول يدخل الكلام في باب الحقيقة، ويخرج عن حيز الاستعارة. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة المعارج:
في أول هذه السورة وصف الحق نفسه بأنه ذو المعارج. وذلك كقوله في سورة أخرى {رفيع الدرجات ذو العرش}. والملكوت الإلهى من الفرش إلى العرش أو من الأرض السفلى إلى سدرة المنتهى قد يقطعه البشر في خمسين ألف سنة، أما الروح الأمين وجمهرة الملائكة فتقطعه في زمن محدود وقد رأينا كيف انتقل عرش بلقيس من اليمن إلى الشام في لمح البصر! والمراد هنا أن الذي دعا بعذاب واقع من الله ذى المعارج لم يدع بشيء صعب. إن إهلاكه ليس أصعب من إهلاك بعوضة، لكن هذا الداعى لا يصدق بعذاب قريب أو بعيد، إنه أحمق أو كافر! وسيرى هذا العذاب حتما {يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ولا يسأل حميم حميما}. إن الله خلق البشر على غرائز تشدهم إلى تحت، وطلب منهم أن يقاوموها صاعدين إلى أعلى فمن أخلد إلى الأرض هلك، ومن اتبع الوحى نجا.. والإيمان في حقيقته قوة صاعدة طاهرة تتلمس الطريق إلى مرضاة الله {إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم والذين يصدقون بيوم الدين..}. وإن المسلم ليأسى عندما يرى أمته لم تألف طريق الكمال، ولم تحصل الشمائل التي تفتح لها أبواب السماء، مع أنها أحصيت إحصاء في هذا الكتاب الكريم. لقد بين الله سبحانه أن في طريق الجنة عقبات يجب اقتحامها ومشقات يجب التغلب عليها، وما تعرف معادن الناس إلا بهذا الاختبار الجاد. يقول أبو الطيب:
لولا المشقة ساد الناس كلهم ** الجود يفقر والإقدام قتال

وفى هذه السورة نتلو هذا التساؤل {فمال الذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم كلا إنا خلقناهم مما يعلمون}. والإهطاع إمالة الرأس والعين لتدقيق النظر. وقد تحول المشركون إلى جماعات تلتف بالرسول تريد استكشاف أمره، إنهم يقتربون منه ولا يصدقونه ولا يتبعونه! هل يحقق هذا أملا؟ كلا لابد من الاتباع والإخلاص والجهاد، إن الله خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملا. والجيل الذي يعييه الحق ويعجزه السباق، سوف يطويه الردى ويهال عليه التراب، ويجيء القدر بأنشط منه وأزكى. {فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين} ذاك في الدنيا حيث تتخلف الأمم الكسول، أما في الآخرة فالتفاوت بين الأفراد والشعوب يجعل أمما في الحضيض وأخرى في الثريا. اهـ.